يُعتبر إفشاء السلام بين المسلمين من السلوكيات المستحبة، حيث يسهم في تعزيز روابط المحبة والمودة بينهم. وقد أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديثه الشريف إلى ذلك بقوله: (لا تَدْخَلُونَ الجَنَّةَ حتَّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حتَّى تَحابُّوا. أوَلا أدُلُّكُمْ علَى شيءٍ إذا فَعَلْتُمُوهُ تَحابَبْتُمْ؟ أفْشُوا السَّلامَ بيْنَكُمْ).
هناك مجموعة من الآداب الإسلامية التي ينبغي مراعاتها عند إلقاء السلام، وسنستعرض فيما يلي أهم هذه الآداب:
ثبت في السنة النبوية من يلزمهم البدء بالتحية، حيث يُسلم الراكب على الماشي، ويسلم الماشي على القاعد، ويفترض أن يسلم الفرد الواحد على الجماعة. قال -صلى الله عليه وسلم-: (يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الماشِي، والماشِي عَلَى القاعِدِ، والقَلِيلُ عَلَى الكَثِيرِ)، كما تُشير روايات أخرى إلى أن الصغير يجب أن يسلم على الكبير أيضاً.
يُستحسن للمسلم أن يرد السلام بأحسن منه، مثل أن يقول: “وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته”. كما يجوز له أن يرد بنفس التحية التي ألقاها الآخر، استنادًا إلى قوله -تعالى-: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا).
تتضمن سورة النور آداب السلام، حيث يشير -تعالى- إلى ضرورة إلقاء السلام عند دخول المرء إلى بيته أو بيت غيره: (فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ).
يُفضل أن يصاحب السلام بشاشة الوجه وراحة الصدر، كما أشار النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله: (لا تَحْقِرَنَّ مِنَ المَعروفِ شيئًا، ولو أنْ تَلْقَى أخاكَ بوَجْهٍ طَلْقٍ).
يجب على المسلم تكرار السلام إذا لم يسمعه الشخص الذي ألقى عليه التحية، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (إذَا أتَى علَى قَوْمٍ فَسَلَّمَ عليهم، سَلَّمَ عليهم ثَلَاثًا).
نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الرد على السلام أو ذكر الله أثناء قضاء الحاجة، فعن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: (أنَّ رَجُلًا مَرَّ ورَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ- يَبُولُ، فَسَلَّمَ، فَلَمْ يَرُدَّ عليه).
من الآداب المستحبة أن يسلم المسلم على من يعرف ومن لا يعرف من المسلمين. فقد سُئِل عبد الله بن عمرو -رضي الله عنه-: (أيُّ الإسْلَامِ خَيْرٌ؟ قالَ: تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وتَقْرَأُ السَّلَامَ علَى مَن عَرَفْتَ ومَن لَمْ تَعْرِفْ).
يُستحب إلقاء السلام قبل مغادرة المجلس، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: (إذا انتهَى أحدُكم إلى مجلِسٍ فليسلِّم، فإنَّ بَدا له أن يجلِسَ فليجلِس، ثمَّ إذا قامَ فليسلِّم فلَيسَتِ الأوَّلَى بأحقِّ من الآخرةِ).
كان هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في السلام هو رفع صوته وإظهار التحية، كما أن ذلك يعد من معاني إفشاء السلام، مما يجعل التحية مسموعة لدى الجميع.
يُستحب للمسلم إذا مر بجماعة من الأطفال أن يلقي إليهم السلام، كما فعل أنس بن مالك -رضي الله عنه- عندما قال: (أنَّهُ مَرَّ علَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عليهم، وقالَ: كانَ النبيُّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَفْعَلُهُ).
أحدث التعليقات