أمر الله -عز وجل- عباده بضرورة الطاعة والصبر عليها، وحذّرهم من عصيانه وما يترتب عليه من نتائج وخيمة في الدنيا والآخرة. وأوضح لهم أن من يقدم على المعاصي يعرض نفسه لخسائر جمة، وأضاف بأن الإصرار عليها قد يُعرضهم لعقوبات شديدة. فالمعصية تُعتبر نقيضاً للطاعة، حيث من يعص الله -عز وجل- قد خالف أوامره وارتكب نواهٍ، مما يعني أنه اختار لنفسه ما لا يريده الله له، وهو ما يسمى بالخسران الواضح كما ورد في الآية الكريمة: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا). لذا، يجب على العبد إذا علم بأمر من أوامر الله -عز وجل- أن يلتزم به ويطبقه.
تعتبر المعاصي صفة لابليس، حيث أنّها الفخ الذي يصطاد به من يتبعه. وقد وصف الله -تعالى- الشيطان بقوله: (إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا)، فهو يُفعل للناس ارتكاب المعاصي والآثام. ومن يستجيب له يتعرض لشروره، كما قال تعالى: (وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ). المعاصي يمكن تقسيمها إلى عدة أنواع؛ بعضها يأتي من القلب بإرادته كما في قوله تعالى: (وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ). كما أن المعاصي قد تتعلق بالجوارح، كالنظر إلى المحرمات، والتحدث بالكلمات التي تغضب الله. وقد حذّر النبي من أخطار ذلك، بقوله: (إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من رضوانِ اللهِ، لا يُلقي لها بالًا، يرفعُه اللهُ بها درجاتٍ، وإنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلمةِ من سخطِ اللهِ، لا يُلقي لها بالًا، يهوي بها في جهنَّمَ). وفي تصنيف آخر، هناك الكبائر والصغائر، حيث تُعتبر الكبائر مثل الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور، وأكل مال اليتيم، بينما الصغائر يُوعد أصحابها بمغفرة الله إن تجنبوا الكبائر، كما ورد في قوله: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا).
ذكر ابن القيم العديد من الآثار الضارة للمعاصي على النفس، فهي بلا شك تحمل شؤماً عظيماً على من يصرّ عليها. ومن أبرز تلك الآثار:
هناك العديد من الوسائل التي تساعد في ترك المعاصي والتمسك بالتوبة بعد ذلك، فإذا علمها الإنسان وعمل بها فإنها تعين على تحقيق هدفه. ومن هذه الوسائل:
أحدث التعليقات